وقفت المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول ظروف وشروط الإقامة بالأحياء الجامعية، التي كشفت عن تفاصيل تقريرها النهائي، على مجموعة من المعطيات التي ظلّت مثار جدل كبير خلال السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي يثير عددا من التساؤلات إن كان سيتم التدخّل ميدانيا لفرض تدابير جديدة على مستوى هذه المرافق التي يستفيد منها عشرات الآلاف من الطلبة المغاربة.
ويعيد إلى الواجهة تقديمُ هذا التقرير مؤخرا بمجلس النواب ومناقشته ملفاً آخر، يتعلق بـ”الأنوية الجامعية” التي كانت موضوع اتفاقيات بين مجالس الجهات والأقاليم والجماعات المحلية والوزارة الوصية على قطاع التعليم العالي في حكومة سعد الدين العثماني؛ فقد تم توقيف الشروع في إنجاز عدد من هذه الأنوية خلال الولاية الحكومية الحالية بمجموعة من الأقاليم، بينما يوجد “رهان ترابي” على إعادة إطلاق هذا الورش من أجل تجاوز الوضع الحالي للأحياء الجامعية وتجويد خدماتها، سواء تعلق الأمر بالإطعام أو السكن أو الخدمات الصحية.
وبخصوص مسألة الإطعام، أشارت المهمة الاستطلاعية التي زارت بعض الأحياء بالمملكة إلى “غياب الجدول اليومي الخاص بالإطعام وفق ما هو منصوص عليه ضمن دفتر التحملات الذي وقّعت عليه الشركات الممولة لهذه المطاعم، إلى جانب كون الكمية التي يستفيد منها الطلبة قليلة لا تتجاوز 60 غراما من اللحم”.
كما لفتت ضمن تقريرها إلى أن “جودة الإطعام لا تكون في مطمح الطلبة، وتكون مقبولة عند بداية الموسم الدراسي، ثم تتراجع كمّا وكيفا”، محذّرة في هذا الإطار من التهاون فيما يخص “مسألة الرقابة الصحية للمواد الغذائية المتوصّل بها من قبل الأحياء الجامعية”، مبرزة أنها “لم تتسلم الوثائق والتقارير التي توضح ذلك”.
وبحسب ما كشفت عنه الوثيقة ذاتها، فإن “بعض الطلبة يشتكون من حالات الاستغراق في النوم بعد تناولهم لوجبات المطعم الجامعي، وخاصة وجبة الغداء، وذلك بسبب اعتقادهم أن الطعام تُضاف إليه بعض المواد المسبّبة للتراخي والنوم”. وذكرت كذلك أن “الصفوف المؤدية إلى المطعم طويلةٌ على نحو غير مقبول، ووصول المستفيد إلى وجبته يحتاج إلى وقت طويل جدا، أقلّه نصف ساعة من الزمن”.
وكشف أعضاء المهمة الاستطلاعية البرلمانية عن ملاحظات أخرى، منها “عدم احترام بعض الأحياء لمعايير الوقاية وسلامة الأماكن المعدّة لتسليم وتخزين وإعداد المواد الغذائية”، فضلا عن “لجوء الطلبة في أكثر الحالات إلى إعادة طبخ اللحم الأحمر أو الدجاج لتحسين جودته”، إلى جانب كون العاملين بالمطاعم “يخضعون لتوجيهات الشركة الممولة للإطعام وتعليماتها، مما ينعكس سلبا أو إيجابا على جودة الطعام كمّا وكيفا”.
وفقا لتقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية المذكورة، فإن مدراء الأحياء الجامعية الستة الذين تم اللقاء بهم أدلوا بتوضيحاتهم في هذا الجانب أيضا، حيث أثار بعضهم “ضرورة إعادة النظر في ما يحصل عليه المقاول مقابل توفير كل وجبة واحدة (محددة في 23 درهما)”، فضلا عن تأكيدهم على “ضرورة استفادة عدد معقول من الطلبة من خدمة الإطعام يوازي الطاقة الاستيعابية للمطعم”.
أما بخصوص الجانب الصحي، فقد لاحظ أعضاء المهمة ذاتها “ضعف الموارد البشرية الصحية داخل الأحياء الجامعية التي عادة ما لا تتجاوز شخصين، مع اشتكاء الطلبة والطالبات من أداء عملهم، ثم غياب المسعفين الطبيين وتجهيزات وقارورات الأوكسجين”.
في سياق متصل، تطرّق المصدر ذاته لواقع وظروف السكن على مستوى الأحياء الجامعية، حيث أشار إلى “ارتفاع عدد القاطنين على مستوى كل غرفة بعدد من الأحياء الجامعية؛ فإذا كانت الغرفة تسع 4 لأفراد فإن عدد قاطنيها يرتفع إلى 6 أو أكثر، وهو ما يعود إلى ما يصطلح عليه بـ”الاستضافة” التي تتمثل في قيام قاطني غرفة معينة باستدعاء طلبة آخرين لم يتسنّ لهم الاستفادة من ولوج هذه الأحياء.
وأكدت المهمة الاستطلاعية المذكورة وجود معطى آخر يتعلق بـ”غياب الأمن بالأحياء الجامعية، وذلك من خلال احتلال الغرف من طرف طلبة بدون وجه حق، وهو السلوك الذي لا يحقق الغايات المنشودة من وراء توفير الإقامة والإيواء الجامعي، إلى جانب عدم تفاعل مصلحة الصيانة بالأحياء الجامعية مع الأعطاب التقنية كالإنارة وإصلاح صنابير المياه والرشاشات وأبواب الحمامات، ثم وجود أجنحة أو غرف شاغرة لا يتم فتحها في وجه مستفيدين آخرين”.