في أجواء مملوءة بالحزن والخشوع، تُحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إلى جانب معظم الطوائف المسيحية، يوم الجمعة العظيمة، الذي يُعد من أقدس أيام السنة في التقويم الكنسي. ففي هذا اليوم، تتذكّر الكنيسة صلب السيد المسيح وموته ودفنه في الجلجثة، حيث تمتد الصلوات منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس في رحلة روحية تمتد لـ12 ساعة متواصلة.
صوم انقطاعي وذكرى الألم
يُصوم الأقباط في الجمعة العظيمة صومًا انقطاعيًا صارمًا، يبدأ من منتصف الليل حتى نهاية الصلوات مساءً، ويمتنعون فيه عن الطعام والشراب تمامًا لأكثر من 18 ساعة، كتعبير عن المشاركة الرمزية في آلام المسيح. وعند الإفطار، يكتفي البعض بشرب القليل من الخل، اقتداءً بالسيد المسيح الذي عندما طلب ماءً على الصليب، قُدّم له خلًا على إسفنجة. أما الطعام فيكون نباتيًا خالصًا، مثل الفول النابت والطعمية.
طقوس حزينة وتوشيحات سوداء
تُقام صلوات البصخة المقدسة خارج الخورس الأول في الكنائس، لأن السيد المسيح تألم خارج أسوار أورشليم. وتُزيَّن الكنائس بالكامل بـالستائر السوداء، مع تغطية أعمدة الكنيسة والمنجلية، فيما يُطفأ كل نور داخل الكنيسة، حتى الشموع، في إشارة للحزن العميق.
طقس دفن أيقونة المسيح
يُجسّد الكهنة في هذا اليوم طقس دفن المسيح، حيث تُلف أيقونة الصلب بقطعة من الكتان النقي، وتُزين بالورود والعطور، ثم توضع داخل الهيكل مع شمعتين رمزيتين، في مشهد تمثيلي لدفن جسد المسيح داخل القبر. وبعد ذلك، يُقام طواف داخل الكنيسة، يُعرف بـزفة الصلبوت، حيث يحمل الشمامسة والكهنة الأيقونة المقدسة، ويطوفون بها وسط الشعب وهم يرتلون لحن “غولغوثا” الحزين، وهو لحن يُقال إنه يعود للعصر الفرعوني.
400 ميطانية.. سجود للخضوع الكامل
تُختتم الصلوات بقيام المؤمنين بـ400 ميطانية (سجدة)، مقسمة على الاتجاهات الأربعة، بواقع 100 سجدة في كل اتجاه، كنوع من الخضوع والتوبة أمام الله. ويرتدي الكهنة ملابس كهنوتية سوداء، بينما تتشح الكنيسة بالسواد الكامل حتى ليلة سبت النور، حيث يتحول الحزن إلى بهجة في انتظار قيامة المسيح.









