دراسة: التوزيع التقليدي لمياه فجيج من أكثر التجارب المتقدمة بشمال إفريقيا

دراسة: التوزيع التقليدي لمياه فجيج من أكثر التجارب المتقدمة بشمال إفريقيا
دراسة: التوزيع التقليدي لمياه فجيج من أكثر التجارب المتقدمة بشمال إفريقيا

ذكرت دراسة حديثة أن عملية تنظيم وتوزيع الماء بفجيج من التجارب “الأكثر تعقيدا”، مضيفة أن دراسة هذا الجانب “تستلزم الإلمام بجميع المراحل التاريخية التي تم فيها استغلال العيون المائية من طرف الأسر المالكة لتنظيمها، وأشكال التوزيع وطرق حفر وبناء الشبكة المائية. ففي واحة المنطقة يتخذ توزيع المياه السقي نظاما دقيقا أكثر تقدما في مجموع شمال إفريقيا”.

ووضحت الدراسة المنشورة في العدد الأخير لمجلة “التخطيط العمراني والمجالي”، الصادرة عن المركز الديمقراطي العربي وجامعة الحديدة، أن “نموذج فجيج يعتمد على القياس الزمني بدل الحجم كما هو الشأن في الجزائر”، مشيرة إلى أن “الماء يلعبُ دورا هاما في الحياة عند أهل المنطقة بشكل استراتيجي؛ إذ إن الفلاحة تعتمد بالأساس على شبكة التوزيع المائي لكل قصر، والمياه المستعملة تعدّ في مجملها باطنية”.

وأوضح البحث الأكاديمي المنجز من طرف الباحثين عبد الخالق غازي ونور الدين بوعبيد أن هذه المياه “تخرج من باطن الأرض عن طريق فتحات جيولوجية تسمى العيون”، مسجلاً أن “المنابع تستغل بشكل دقيق عن طريق تقنية تسمى الفجارة أو الفكارة”. وأضاف “يتكون نظام الخزان الجوفي في الواحة من طبقات المياه الجوفية والينابيع. تمثل المياه الجوفية مورداً متجدداً بحجم إجمالي يبلغ حوالي 13 مليون متر مكعب في السنة عبر الحوض بأكمله الذي يمتد على مساحة 2778 كيلومترا”.

كما أشار إلى أن “الخطَّارات تكتسي أهمية قصوى بواحة المنطقة، فقد استعملها الإنسان منذ القدم. وتمثّلُ هندسةً فريدة من نوعها تكشف عن استراتيجية مهمة لتنظيم وتوزيع الماء بوصفه العنصر الأكثر حيوية في المجالات الصحراوية”. وتابع “يتم استغلال المياه وحقوق الملكية الخاصة به. ويصل عدد الخطارات الموجودة في الواحة إلى 32 خطارة عرف بعضها نوعا من الإهمال أو الإفراط بسبب سوء الاستغلال”.

وبينت الدراسة الموسومة بـ”الواقع الأزلي لاستخدامات مياه الري بطريقتي الخطارات والسواقي في واحة فجيج بالمغرب” أن تاريخ حفر إحدى الخطارات يعود “إلى ما يزيد عن 300 سنة نظرا لشساعة الأراضي التي تسقيها وتشعب حصص الملاكين فيها ويصل بها عند الخروبات إلى 1920 خروبة موزعة على أربع قنوات”، لافتة إلى أن “صبيب العين تراجع إلى حدود 20 لترا في الثانية بعدما كان يصل إلى 88 لترا في الثانية سنة 1987 بسبب الاستغلال غير المعقلن والمتزايد في سنة 2006 حين وصل عدد المضخات إلى حدود 300 مضخة”.

وأبرزت أن “الخطّارات حفرت وبنيت في فترات زمنية مختلفة تبعا لحاجة الإنسان للمزيد من الماء لسقي البساتين. وقضى في حفرها وإعدادها عشرات السنين من العمل الشاق والمداوم معتمدا في هذا كله على المجهود العضلي ووسائل بدائية تقتصر على الفأس وسعف النخيل من أجل نقل التراب إلى السطح عبر فجوات”، مسجلة أن “هذه العملية تجرى داخل أنفاق شبه مظلمة يتراوح عمقها ما بين 10 و6 أمتار وعرضها ما بين 0.5 و1.5 متر”.

أما فكرة السواقي، تتابع الدراسة، فقد “جاءت للحد من النزاعات التي كانت معروفة قديما بين الأهالي، وكذلك من أجل تنظيم السقي وضبط صبيب العيون المائية”، لافتة إلى أن “هذا الصبيب يعرف نقصا ملحوظا في العقود الأخيرة التي توالت فيها سنوات الجفاف والتغيرات المناخية”، قبل أن تضيف أن “الواحة تتميز بوجود نظام فريد من نوعه في توزيع المياه الأكثر تفصيلاً”.

ومضى الباحثان شارحين “يتم هذا مع نظام توزيع المياه الأكثر تفصيلاً باستخدام ممرات تحت الأرض تقوم بتصريف ونقل المياه من الباطن إلى السطح متجهة نحو الحدائق لسقيها ولاستخدامات أخرى مرتبطة بالسكان”، مشيرين إلى أن “حصص المياه المتدفقة تصل إلى 4.4 ملايين متر مكعب من منسوب المياه الجوفية في فجيج، 3.6 ملايين متر مكعب في منسوب المياه الجوفية في منطقة تسرفين- العرجا، وهي مناطق تعتبر امتدادا لواحة فجيج، و11.5 مليون متر لطبقات المياه الجوفية العميقة الموجودة في الحوض”.

وأضافا أن “تصريف ونقل المياه الجوفية يتم من المصادر عن طريق أروقة تحت الأرض، محفورة مباشرة في الصخر، تسمى الخطارات”، موضحين أن “هذه التقنية المعتمدة في الواحة لتوفير المياه جاءت نتيجة مسار من التطور والنمو، حيث تراكمت عدة أشغال بشرية طيلة قرون خلت قد أدخلت تحسينات على الهيكل العام لنظام الري التقليدي، وذلك بالاعتماد على الإسمنت لبناء القنوات والسواقي لمنع تسرب المياه وحمايتها من التبخر”.

وعلى السطح وفي الحدائق، تشير الدراسة إلى انتشار “المياه التي تحملها هذه الأروقة في قنوات السواقي”، مضيفة أن “المياه يمكن استخدامها في الوقت الفعلي لأنها تتدفق من صالات العرض لري الأراضي المزروعة أو غير ذلك، وهذا هو أحد الأصول الرئيسية لنظام الري بواحة فجيج، حيث يتم نقله ودفعه في أحواض التخزين (الصهريج)، التي تسمح بالسقي المتأخر للمناطق المزروعة والتوزيع الأكثر مرونة لاحقا للمياه”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تير شتيجن في قائمة برشلونة ضد ريال مدريد بالكلاسيكو وغياب ليفاندوفسكي
التالى ذهاب ربع نهائي كأس عاصمة مصر.. سيراميكا والبنك الأهلي يقتربان من التأهل