قالت التنظيمات النقابية الأكثر تمثيلية في قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إن “الوضع المنذر والخطير الذي أصبح يميز العنف في الوسط المدرسي بشكل عام، يحتاج إلى وقفة حقيقية عبر عقد مناظرة وطنية حول هذه المسألة”، مع إشراك “كافة المتدخلين، سواء من الناحية الرسمية العمومية أو الفاعلين الخواص والأكاديميين والخبراء والباحثين” كما جرى بالضبط مع قطاعات كثيرة.
وشددت النقابات المعنية، على لسان كتابها العامين، على أن “الحوار الوطني يقدم الفرصة المتبقية لتناول الموضوع بشكل عملي”، مبرزة أن “وفاة أستاذة للتكوين المهني بمدينة أرفود تمثل فقط نقطة في سياق أصبح يعج بالعنف المدرسي، وأن النقاش على المستوى الاستراتيجي يضمن إيجاد أجوبة للتساؤلات المتعلقة بكيفية إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، سواء من خلال مضمونها أو بنياتها وتجهيزاتها، فضلا عن مكانة المدرس داخل المجتمع”.
“خيار راهني”
يونس فيراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، نبه في بداية حديثه إلى ظهور نوع من “التطبيع مع العنف” بدأ ينتشر في المجتمع وتبرزه بوضوح مواقع التواصل الاجتماعي، مشددا على أن “العنف مدان عموما، لكنه عندما يتخذ شكلًا داخل المدرسة، فإنه يصبح مزدوجا”، وأضاف: “المؤسسة التعليمية هي فضاء التنشئة الاجتماعية وزرع القيم والتربية”.
وقال فيراشين، في حديثه لهسبريس، إن “العنف بكل أشكاله أصبح مُستشريًا، سواء ضد الأطر الإدارية والتربوية أو ضد المؤسسة نفسها”، مشيرا إلى أن “هذا الواقع يطرح سؤالًا حارقا أمام الكلّ، كما يستدعي وقفة من خلال النقاش العمومي عبر مناظرة وطنية تشرك الأكاديميين والخبراء وبقية المعنيين بالأمر، بهدف الوقوف على جذور المشكلة المتعلقة بفقدان المدرسة بكل مكوناتها هيبتها داخل المجتمع”.
وأورد الفاعل النقابي أن “المناظرة فكرة عملية”، وأضاف: “في انتظار التفكير فيها وتبنيها من طرف جميع الأطراف، لا بد من توفير الحماية لرجال ونساء التعليم عبر إجراءات عملية زجرية ووقائية وتربوية وتوعوية”، مجددا التأكيد على الحاجة الملحة لتداول الموضوع وطنيا، قائلا: “نحتاج إلى نقاش وطني عمومي حول هذه الإشكالية لكي نتمكن من التفكير بشكل عملي وبلورة حلول جماعية ومشتركة”.
“طرح واقعي”
الصادق الرغيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، قال إن “تكاثر حالات العنف في الوسط المدرسي أصبح بالفعل معضلة تدق ناقوس الخطر؛ لأنها أصبحت متزايدة ومتواترة”، مؤكدا أن “مطلب المناظرة الوطنية يبدو عمليًا في الوقت الراهن لكي نتحرك قبل أن تشتد الأوضاع في المدرسة العمومية”.
وأضاف الرغيوي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المناظرة الوطنية التي تجمع كافة الأطراف المعنية بالشأن التربوي أو المتابعة له يمكنها أن تقوم برصد شامل يتعقب الجذور النفسية والمجتمعية المرتبطة بالعنف”، معتبرا أن “التشخيص المشترك يوفر الخروج بحلول قد تساعد في استئصال هذه المعضلة من جذورها بغض النظر عن طبيعتها”.
وتابع الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل أن “محاصرة المشكلة يمكن أن تكون من جوانب متعددة، نظرًا لاختلاف الدوافع التي تجعل العنف نشطًا في المدرسة”، مضيفا أن “جميع المؤسسات المرتبطة بالموضوع يمكنها تبني طرح المناظرة الوطنية أو الأيام الدراسية أو أي تحرك عملي يعالج الظاهرة التي تنخر الوسط التعليمي”.