أثار توقيع مذكرة تفاهم بين مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي (SADC) والكيان الوهمي في تندوف أوائل الشهر الجاري ردود فعل صارمة من كل من مالاوي وزامبيا وجزر القمر، الأعضاء في هذا التكتل الإقليمي، الذين عبروا عن رفضهم القاطع هذه الخطوة، في تحول يعكس تغيرًا واضحًا في تعاطي الدول الإفريقية مع ملف الوحدة الترابية للمغرب والتزامها بتعزيز سيادة الدول وصيانة مصالحها، مقابل فشل الدول الداعمة للانفصال، وعلى رأسها بريتوريا، في تحقيق إجماع إفريقي على مقاربتها، بما في ذلك داخل الفضاءات التي كانت تقع وإلى عهد قريب ضمن مناطق نفوذها في القارة.
أولى الدول التي احتجت على مذكرة التفاهم التي وُقعت في الثاني من أبريل الجاري هي اتحاد جزر القمر، الذي وجه مراسلة إلى الجهاز التنفيذي لمجموعة تنمية الجنوب الإفريقي في السابع من الشهر ذاته، استغرب فيها توقيع هذه المذكرة مع جبهة البوليساريو.
وأعادت جزر القمر تذكير الأمانة العامة للمجموعة بموقفها الثابت والداعم لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مؤكدة أن قضية النزاع في الصحراء هي اختصاص حصري لمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، ومحذرة في الوقت ذاته من خرق الميثاق التأسيسي للمجموعة والزج بها في قضية الصحراء بما يضر بمصداقية هذه المنظمة الإقليمية.
مباشرة بعد ذلك أرسلت الخارجية الزامبية مذكرة دبلوماسية رسمية إلى سفارة المملكة المغربية في لوساكا بتاريخ الثامن من الشهر الجاري، عبرت خلالها عن رفضها القاطع والصريح توقيع اتفاقية بين التكتل الذي تنتمي إليه وبين جبهة البوليساريو، معتبرة أنها غير ملزمة بهذه الاتفاقية.
وجددت زامبيا، التي افتتحت قنصلية عامة لها في مدينة العيون في أكتوبر من عام 2020، تأكيد موقفها الداعم لسيادة المغرب على الصحراء ولخطة الحكم الذاتي التي وصفتها بـ”الحل الوحيد الموثوق، الجاد، والواقعي لتسوية هذا النزاع”.
من جانبها وجهت دولة مالاوي مراسلة دبلوماسية رسمية إلى سفارة الرباط في ليلونغوي بتاريخ 14 من الشهر ذاته، أكدت من خلالها أنها غير ملزمة بالامتثال لبنود الاتفاقية التي وقعتها “SADC” مع البوليساريو، مجددة دعمها خطة الحكم الذاتي التي اقترحها الرباط لتسوية النزاع في الصحراء.
وتشير هذه المعارضة المنسقة من عدة دول إفريقية إلى نقطة تحول هامة في الديناميكيات الدبلوماسية الإفريقية في ما يتعلق بقضية الصحراء، وتكشف أنه رغم المبادرات التي تقوم بها بعض المنظمات الإقليمية فإن عددًا متزايدًا من الدول الإفريقية تعتبر خطة الحكم الذاتي المغربية الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق لهذا النزاع طويل الأمد.
ومع اتساع دائرة الدول الإفريقية الداعمة لسيادة الرباط على أقاليمها الصحراوية أصبح الصوت الانفصالي الذي تقوده الجزائر وجنوب إفريقيا صوتا نشازا يعاكس التوجهات السائدة داخل القارة السمراء التي بدأت دولها تبتعد عن تعقيدات وتقلبات السياسات الإقليمية، مقابل دعم الحلول السلمية والعملية لتسوية النزاعات التي تعرقل عجلة التنمية في إفريقيا وتهدد أمنها واستقرارها.