خميس العهد , تستعد الكنائس القبطية الأرثوذكسية في مصر والخارج للاحتفال بيوم “خميس العهد”، الذي يُعد من الأيام المقدسة في أسبوع الآلام، حيث يأتي قبل عيد القيامة المجيد مباشرة، . ويحتل هذا اليوم مكانة روحية خاصة لدى الأقباط، لما يحمله من طقوس دينية عميقة ومعانٍ رمزية تعود إلى العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلاميذه.

قدسية خميس العهد ومكانته في الكنيسة
يُعتبر أحد الأعياد السيدية الصغرى في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما أوضح القمص إبرام إميل، الوكيل البابوي بالإسكندرية وراعي الكنيسة المرقسية الكبرى. ففي هذا اليوم تختتم الكنيسة صلوات البصخة المقدسة، وهو يوم غني بالأحداث الدينية التي لها طابع رمزي وروحي عميق، أبرزها ذكرى العشاء الأخير الذي يجمع بين السيد المسيح وتلاميذه، والذي يُمثّل بداية عهد جديد بين الله والإنسان من خلال تأسيس سر التناول المقدس.
ويضيف القمص إبرام أن هذا اليوم يتميز بطقس نادر ومميز يُعرف باسم “صلاة اللقان”، وهي صلاة لا تُقام إلا ثلاث مرات في العام: في عيد الغطاس، وخميس العهد، وعيد الرسل. وخلال هذه الصلاة، يقوم البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بغسل أرجل الكهنة والشمامسة، اقتداءً بما فعله السيد المسيح مع تلاميذه في هذا اليوم، في رسالة رمزية للتواضع والمحبة والخدمة.

طقس غسل الأرجل في خميس العهد وأهميته الروحية
من جانبه، قال كريم كمال، الباحث في الشأن القبطي ورئيس الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن، إن طقس غسل الأرجل يُعد أحد الطقوس البارزة في احتفال هذا اليوم. ويؤديه عادةً أكبر رتبة كنسية حاضرة، سواء كان البابا أو أحد المطارنة أو الأساقفة، حيث يبدأ بغسل أرجل الكهنة ثم أفراد الشعب المشاركين في الصلاة.
ويشير كمال إلى أن هذا الطقس يحمل رسالة محبة وتواضع، حيث يجسد كيف يجب أن يكون القائد خادماً لشعبه، تماماً كما فعل المسيح. كما يرتبط هذا اليوم بتأسيس سر التناول المقدس خلال العشاء الأخير، وهو أحد أهم الأسرار في الكنيسة، ويُحتفل به في القداس.

تسلسل أسبوع الآلام حتى عيد القيامة
الكنائس القبطية تبدأ أسبوع الآلام في يوم الاثنين السابق لخميس العهد، حيث تُقام صلوات “البصخة المقدسة” على مدار ثلاثة أيام (الاثنين، الثلاثاء، والأربعاء). ويأتي خميــس العــهد كتتويج لهذه الصلوات، يليه الجمعة العظيمة أو “الجمعة الحزينة” التي تُحيي ذكرى صلب المسيح، ثم سبت النور، الذي يُمهد لعيد القيامة المجيد، أكبر الأعياد المسيحية.
وهكذا، يشكّل اليوم محطة محورية في حياة الأقباط الروحية، حيث يجمع بين الطقوس العميقة والرموز المقدسة، ويُعيد التأكيد على مفاهيم التواضع والمحبة والخدمة في حياة الإنسان المسيحي.