كاليغران يستنطق النقود الموريطانية

كاليغران يستنطق النقود الموريطانية
كاليغران يستنطق النقود الموريطانية

نظم مختبر “المغرب والمجال المتوسطي: التاريخ والثقافة والموارد”، التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، محاضرة علمية تحت عنوان: “تاريخ العملة في موريطانيا الغربية من خلال موقع ‘ريغا’ بإقليم سيدي سليمان”.

وتأتي هذه المحاضرة، أمس الجمعة، لتسلط الضوء على البعد الاقتصادي لموريطانيا الغربية (المغرب الحالي) من خلال دراسة علمية دقيقة لنتاجات موقع “ريغا” الأثري الواقع بسيدي سليمان، المعروف بأهميته كموقع يكشف عن ملامح حضارية وتجارية مهمة من الحقبة القديمة، خاصة في ما يتعلق بالأنظمة النقدية وتطور المعاملات المالية في تلك المرحلة.

وبهذه المناسبة، قال لورُون كاليغران (Laurent Callegarin)، أستاذ بجامعة بُو وبلاد الأدُور (فرنسا): “يُطرح سؤال تبني سك النقود بالنسبة لكافة الشعوب خلال الحقبة القديمة:

فما الذي قد يدفع ملكا أو مدينة ما في يوم من الأيام إلى بدء سك النقود، وبالتالي فتح المجال أمام الوظائف الثلاث التي كانت تنسب تقليديا لهذا الشيء، وهي القياس والتبادل وادخار القيم، وأضيفت إليها وظيفة التعبير عن السلطة؟”.

وأضاف كاليغران، الذي يشغل أيضا مدير مكتب بالوَا بمعهد الأبحاث حول المعمار القديم (فرنسا): “تمت صياغة هذا السؤال بخصوص موريطانيا الغربية [المغرب الحالي] خلال المرحلة المسماة المُورية المتأخرة (القرن الثالث قبل الميلاد – القرن الأول الميلادي)، وهو ما يلزمنا بتحليل دلالة سكّ العملة، وتأثيراتها ونماذجها، فضلا عن وسائل التبادل وأشكاله”.

وتابع المحاضر: “لا تهدف محاضرتنا إلى تقديم مقاربة متخصصة في علم المسكوكات بالمعنى الضيق، بل تبتغي وضع إنتاج وتبادل النقود داخل التراب الموريطاني في سياقها التاريخي، وهو ما يعني دمجها في الآن نفسه بين التاريخ، علم المسكوكات وعلم الآثار، مع الاستعانة في الآن نفسه بأدوات وعناصر من تاريخ الفن والأنثروبولوجيا. وتطمح مداخلتنا إلى تقديم تصور تركيبي حول دور السّكة البالغ عددها خمس عشرة دارا، والنشيطة خلال المرحلة الممتدة ما بين عهدي الملكين بوكوس الأول وبطليموس في موريطانيا”.

وأبرز المتحدث نفسه أن “علم المسكوكات قام في شمال إفريقيا القديم ومازال على منهجية تهيمن عليها مقاربة الأسلوب والمقاييس ومصدر العينات”، وزاد: “من خلال أخذ هذه الجوانب بعين الاعتبار فإن منهجنا يكملها من خلال إدماج السياق الاستراتيغرافي، وهو عنصر أساسي لفهم التسلسل الزمني لسلسلة العملات، والمدة التي تم فيها تداولها، والبيئة الإقليمية والدولية التي تطورت فيها. وسيتم في هذا الإطار استحضار الاكتشافات النقدية المتأتية من الحفريات الأخيرة في مواقع ليكسوس وولوبيليس وريغا (سيدي سليمان) على وجه التحديد”.

وبحسب المتدخل ذاته فجميع العينات المتوفرة تتشكل من الحفريات ومجموعات المتاحف والمجموعات الخاصة و”كتالوجات” المبيعات، وهي مجموعة من حوالي 2000 قطعة نقدية، مردفا: “وعلى هذا الأساس أصبح من الممكن الآن ليس فقط اقتراح تصنيف نوعي وكرونولوجي متناسق لمختلف سلاسل العملات الموريطانية – من خلال مقارنتها مع النقود النوميدية والقرطاجية والغاديتانية المعاصرة لها – بل أيضاً كتابة التاريخ النقدي لمنطقة مضيق جبل طارق”.

ورغم أن هذه الأسئلة مازالت (مؤقتا) دون إجابة، فقد تم إحراز تقدم كبير في عدد من المجالات: كالتعرف على عملة تم سكها لملك مجهول (أكليد) في شبه الجزيرة الطنجية، وتحديد ورشة سك جديدة “SPR” في منطقة واد مرتيل، تختلف عن تلك الموجودة في تمودة؛ ونسبة عملة معدنية بشكل نهائي إلى مدينة بابات Babbat ما قبل الأوغسطية؛ ونسبة عملات معدنية تحمل عبارة ŠLBN إلى موقع القواس، الميناء المتقدم لمدينة زليل؛ أو إعداد “سينوبسِيس” تاريخي للإنتاج النقدي والتداول في المنطقة الجيو-تاريخية للمضيق، وفق المصدر ذاته، متابعا: “ولا يفوتنا أن نشير إلى الفحص الإيكونوغرافي، ولاسيما بروز الآلهة القادمة من الشرق، مثل ملقارت وسَمَاش وأوكيانوس”.

وكشفت المحاضرة ذاتها عن “الإمكانيات الهائلة للمقاربة الأركيو-نقدية”، مواصلة: “لكن هذا النهج، الذي يعتمد على البيانات الميدانية أساسا، مازال في بداياته على المستوى المغربي، ما يؤكد حقيقة أن البحث في الوقت الراهن في حاجة ماسة إلى مضاعفة عمليات التنقيب خارج المستويات الأثرية الرومانية، أكثر من مراكمة العينات النقدية”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بوقنطار يفتحص "تسوية محتملة" لنزاع الصحراء.. توجه إيجابي وحسم أممي
التالى بث مباشر.. مشاهدة مباراة ستيلينبوش وسيمبا في الكونفيدرالية الأفريقية