في خطوة تعكس رؤية دبي الطموحة لتكون رائدة عالميًا في التحول الرقمي وقيادة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى الحكومات، أصدرت هيئة دبي الرقمية ومؤسسة دبي للمستقبل، النسخة الأولى من تقرير (حالة الذكاء الاصطناعي في دبي)، بالتزامن مع إطلاق سياسة الذكاء الاصطناعي للجهات الحكومية، وذلك خلال فعاليات (أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي) التي ستستمر حتى يوم 25 من أبريل الحالي.
وأكد التقرير التزام الإمارة بتبني تقنيات المستقبل بمسؤولية وكفاءة، مع توقعات بأن يساهم الذكاء الاصطناعي بنحو 235 مليار درهم إماراتي – أي ما يعادل 64 مليار دولار – في اقتصاد دبي بحلول عام 2030، مما يؤكد الدور المحوري للذكاء الاصطناعي كمحرك رئيسي للنمو والازدهار في الإمارة.
الذكاء الاصطناعي محرك التحول الرقمي في دبي:
يمثل تقرير (حالة الذكاء الاصطناعي في دبي) وثيقة إستراتيجية شاملة توفر رؤية متكاملة حول مدى نضج وسرعة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن عمليات حكومة الإمارة.
وقد استند التقرير في تحليل بياناته إلى تقييم لأكثر من 100 حالة استخدام لتقنيات الذكاء الاصطناعي العالية التأثير والعائد عبر مجموعة واسعة من القطاعات الحيوية، بما يشمل: التخطيط الحضري، والرعاية الصحية، والتمويل، والتنقل، والمشتريات، والتوظيف، والالتزام التنظيمي، ودعم اتخاذ القرار الإستراتيجي.
وتوضح النتائج أن عددًا كبيرًا من هذه المشاريع قد انتقل بالفعل من مرحلة التصميم إلى التنفيذ الفعلي، في حين يتواصل العمل على تطوير مشاريع أخرى، وتُعدّ الحالات العملية، مثل: الرعاية الصحية التنبئية وتطوير التوائم الرقمية لأنظمة التنقل وأتمتة عمليات الترخيص، دليلًا ملموسًا على جدية الإمارة في تطبيق الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.
مساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصاد دبي:
تتجلى الأهمية الاقتصادية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بوضوح في التقديرات الواردة في التقرير، فمن المتوقع أن تساهم الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي بمبلغ ضخم يقدر بنحو 235 مليار درهم إماراتي – أي ما يعادل 64 مليار دولار – في اقتصاد الإمارة بحلول نهاية العقد الحالي، وتعكس هذه الأرقام الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في تعزيز التنافسية الاقتصادية واستدامة النمو.
وتأتي هذه المساهمة نتيجة لزيادة الكفاءة التشغيلية في الجهات الحكومية، وتحسين سرعة تقديم الخدمات، وتوفير فرص عمل جديدة في قطاعات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتعزيز القدرة التنافسية للشركات والمؤسسات العاملة في دبي.
ويتماشى هذا الأثر الاقتصادي المتوقع مع الهدف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يطمح إلى أن يساهم الذكاء الاصطناعي بما يقرب من 14% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة بحلول عام 2030، مما يرسخ مكانة دبي كمحرك رئيسي في هذه المسيرة الوطنية للتحول الاقتصادي الذكي.
سياسة الذكاء الاصطناعي للجهات الحكومية:
بالتزامن مع التقرير، أطلقت دبي الرقمية سياسة الذكاء الاصطناعي للجهات الحكومية، التي تمثل تجسيدًا عمليًا للالتزامات الرئيسية، التي قطعتها حكومة دبي خلال خلوة الذكاء الاصطناعي، التي عُقدت في إطار فعاليات (أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي 2024).
وتضمنت هذه الالتزامات التعهّد الصريح بتطوير إطار عمل موحد وشامل ينظم عملية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن كافة الجهات الحكومية في الإمارة، مع التركيز بنحو خاص في ضمان الالتزام بأعلى المعايير الأخلاقية، وتعزيز قابلية النظم للتطور والتكيف المستمر، وتحقيق أقصى درجات الشفافية في الاستخدام.
وتجسد هذه السياسة المعلنة بالفعل ذلك الإطار المرجعي الطموح، وتستند في بنيتها ومبادئها التوجيهية إلى دعائم أساسية تشمل الشفافية الكاملة، والتشغيل البيني السلس بين الأنظمة المختلفة، ووضع الإنسان في صميم عملية التطوير والاستخدام، وتبني منهجية الحوكمة الاستباقية. ويهدف هذا كله إلى ترسيخ مكانة دبي كنموذج يحتذى به ورائد على مستوى المنطقة في مجال تبني حلول الذكاء الاصطناعي وتطبيقها بطريقة مسؤولة ومستدامة.
وفي هذا السياق، أشاد معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، بالنهج الريادي الذي تتبعه دبي في وضع معايير عالمية لإدماج الذكاء الاصطناعي بطرق أخلاقية وفعالة. وأكد معاليه أن دبي تعمل، من خلال رؤية واضحة تدور حول الإنسان، على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية، بهدف تعزيز مكانة الإمارة كوجهة عالمية للابتكار المسؤول ونموذج رائد في حوكمة المستقبل.
تطبيقات ملموسة ونتائج قابلة للقياس:
لا يقتصر طموح دبي على تحقيق النمو الاقتصادي من خلال الذكاء الاصطناعي فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز جودة الحياة لسكانها. ويوضح التقرير كيف تساهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات الاجتماعية من خلال تمكين الكشف المبكر عن الأمراض، ورفع كفاءة خدمات الطوارئ، وتقديم تجارب خدمية شخصية، ودعم التخطيط الاستباقي للصحة العامة.
وتؤدي هذه التطورات إلى خدمات أسرع، وأمان أكبر، وسهولة وصول أفضل إلى الخدمات الحكومية الأساسية، مما يدعم الهدف الإستراتيجي لدبي بأن تكون أكثر مدينة رقمية تركيزًا على الإنسان عالميًا.
ولإعطاء لمحة عملية عن هذه التطبيقات، استعرضت هيئة دبي الرقمية خلال مشاركتها في أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي مجموعة من العروض التفاعلية، التي تُظهر كيفية توظيف الجهات الحكومية للذكاء الاصطناعي في مجالات مثل: التوظيف الذكي، وأدوات التخطيط الإستراتيجي المتقدمة، ونماذج تحسين استخدام الموارد، وذلك ضمن إطار عمل قابل للتوسع يدعم الأجندة الشاملة للتحول الرقمي.
رؤية مستقبلية لعام 2035:
يعرض الجزء الأخير من التقرير مقترحات طموحة تشكل رؤية دبي لمستقبل الذكاء الاصطناعي بحلول 2035، وتتضمن هذه الرؤية: خدمات حكومية تنبئية على مستوى المدينة، وحوكمة مرنة بمعايير عالمية للذكاء الاصطناعي، واستخدام البيانات لدفع التنافسية، وتأمين احتياجات الحوسبة الفائقة بأسعار تنافسية، وبنية تحتية تراعي الأثر الكربوني، ومنظومة بحث وابتكار متكاملة عبر شراكات حكومية خاصة وتعاون دولي.
وفي سياق تطور دبي الرقمي، يُعدّ التقرير والسياسة المصاحبة نقطة تحول محورية للانتقال من التخطيط إلى التنفيذ المنهجي والمسؤول والقابل للقياس.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط